١٢ :: الرواية الثانية عشرة :: ٢٤ :: عَنْ أَبِي جعَفَرٍ الباقر خليفة الله الامام محمد بن عـلـي الباقر عليه السلام قَالَ : لَقَد خَلَقَ الله جَلَّ ذِكْرُهُ لَيْلَةَ القَدرِ أَوَّلَ مَا خَلَقَ الدُّنْيَا ولَقَد خَلَقَ فِيهَا أَوَّلَ نَبِيِّ يَكُونُ ، وأَوَّلَ وَصِيِّ يَكُوُن ، ولَقَد قَضَي أَنْ يَكُونَ فِي كُلَّ سَنةٍ لَيلَةٌ يَهْبِطُ فِيهَا بِتَفْسِيرِ الُأمُورِ إِلَى مِثْلِهَا مِنَ السَّنَةِ المُقْبِلَةِ ، مَنْ جَحَدَ ذَلِكَ فَقَد رَدَّ عَلَى الله عَزَّ وَجَلَّ عِلمَهُ ، لَأِنَّهُ لاَ يَقُومُ الَأنْبِيَاءُ والرُّسُلُ والمُحَدَّثُونَ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ عَلَيْهِمْ حُجَّةٌ بِمَا يَأْتِيهِمْ بِهَا جَبْرَائِيلُ عليه السلام ، قُلتُ والمُحَدَّثُونَ أَيْضاً يَأْتِيهِمْ جَبْرَائِيلُ أَوْ غَيْرُهُ مِنَ المَلاَئِكَةِ عليهم السلام ؟ قَالَ : أَمَّا الَأنْبِيَاءُ والرُّسُلُ صَلِّى الله عَلَيْهِمْ فَلاَ شَكَّ ، ولاَ بُدَّ لِمَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ خُلِقَت فِيهِ الَأرضِ إِلَى آخِرِ فَنَاءِ الدُّنْيَا أَنْ تَكُونَ عَلَى أَهْلِ الَأرضِ حُجَّةٌ يَنْزِلُ ذَلِكَ فِي تِلكَ اللَّيْلَةِ إِلَى مَنْ أَحَبَّ مِنْ عِبَادِهِ .
وايْمُ الله ، لَقَد نَزَلَ الُّروحُ والمَلاَئِكَةُ بِالَأمرِ فِي لَيْلَةِ القَدرِ عَلَى آدَمَ ، وايْمُ الله مَا مَاتَ آدَمُ إِلاَ ولَه وَصِيٌّ ، وكُلُّ مَنْ بَعدَ آدَمَ مِنَ الَأنْبِيَاءِ قَد أَتَاهُ الَأمرُ فِيهَا ، ووَضَعَ لِوَصِيِّهِ مِنْ بَعدِهِ ، وايْمُ الله إِنْ كَانَ النَّبِيُّ لَُيؤْمَرُ فِيمَا يَأْتِيهِ مِنَ الَأمرِ فِي تِلكَ اللَّيْلَةِ مِنْ آدَمَ إِلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم أَن أَوْصِ إِلَى فُلاَنٍ ، ولَقَد قَالَ الله عَزَّ وجَلَّ فِي كِتَابِهِ لِوُلاَةِ الَأمرِ مِنْ بَعدِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم خَاصَّةٌ : { وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } إِلَى قَوْلِهِ { فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ }
( النور ٥٥ ) يَقُولُ : أَسْتَخْلِفُكُمْ لِعِلمِي ودِينِي وعِبَادَتِي بَعدَ نَبِيِّكُمْ كَمَا اسْتَخْلَفَ وُصَاةَ آدَمَ مِنْ بَعدِهِ حَتَّى يَبْعَثَ النَّبِيَّ الَّذِي يَلِيهِ { يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً } يَقُولُ : يَعبُدُونَنِي بِإِيمَانٍ لاَ نَبِيَّ بَعدَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم فَمَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ { فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ } فَقَد مَكَّنَ وُلاَةَ الَأمرِ بَعدَ مُحَمَّدٍ بِالعِلمِ ونَحنُ هُمْ ، فَاسْأَلُونَا فَإِنْ صَدَقْنَاكُمْ فَأَقِرُّوا ومَا أَنْتُمْ بِفَاعِلِينَ ، أَمَّا عِلمُنَا فَظَاهِرٌ ، وأَمَّا إِبَّانُ أَجَلِنَا الَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ الدِّينُ مِنَّا حَتَّى لاَ يَكُونَ بَيْنَ النَّاسِ اخْتِلاَفٌ ، فَإِنَّ لَهُ أَجَلاً مِنْ مَمَرِّ اللَّيَالِي والَأيَّامِ ، إِذَا أَتَى ظَهَرَ وكَانَ الَأمرُ وَاحِداً .
وايْمُ الله لَقَد قُضِىَ الَأمرُ أَنْ لاَ يَكُونَ بَيْنَ المُؤْمِنِينَ اخْتِلاَفٌ ، ولِذَلِكَ جَعَلَهُمْ شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ لِيَشْهَدَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه واله وسلم عَلَيْنَا ، ولِنَشْهَدَ عَلَى شِيعَتِنَا ، ولِتَشْهَدَ شِيعَتُنَا عَلَى النَّاسِ ، أَبَى الله عَزَّ وجَلَّ أَنْ يَكُونَ فِي حُكْمِهِ اخْتِلاَفٌ ، أَوْ بَيْنَ أَهلِ عِلمِهِ تَنَاقُضٌ .
ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعفَرٍ الباقر عليه السلام فَضْلُ إِيمَانِ المُؤْمِنِ بِجُمْلَةِ { إِنَّا أَنْزَلْناهُ } ( القدر : ١ ) وبِتَفْسِيرِهَا عَلَى مَنْ لَيْسَ مِثْلَهُ فِي الإِيمَانِ بِهَا ، كَفَضْلِ الإِنْسَانِ عَلَى البَهَائِمِ ، وإِنَّ الله عَزَّ وجَلَّ لَيَدفَعُ بِالمُؤْمِنِينَ بِهَا عَنِ الجَاحِدِينَ لَهَا فِي الدُّنْيَا ـ لِكَمَالِ عَذابِ الآخِرَةِ لِمَنْ عَلِمَ أَنَّةُ لاَ يَتُوبُ مِنْهُمْ ـ مَا يَدفَعُ بِالمُجَاهِدِينَ عَنِ القَاعِدِينَ ، ولاَ أَعلَمُ أَنَّ فِي هَذَا الزَّمَانِ جِهَاداً إِلاَّ الحَجِّ والعُمْرَةَ والجِوَارَ . ( اصول الكافي - كتاب الحجة )